{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)}{بِفَاحِشَةٍ} {ياأيها}(1)- (طَلَّقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَغَيَّظَ الرَّسُولُ، وَقَالَ لَهُ: لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهرَ، ثُمَّ تَحِيضُ فَتَطْهرُ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ هِيَ العِدَّةُ التِي أَمََرَ تَعَالَى أَنْ يُطَلِّقَ النِّسَاءُ لَهَا).وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: لا يُطَلِقُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، وَلا في طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ، وَلَكِنْ يَتْرُكُها حَتَّى إِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلّقَهَا تَطْلِيقَةَ.وَهَذَا الطَّلاقُ يَتَعَلقُ بِالنِّسَاءِ المَدْخُولِ بِهِنَّ، ذَوَاتِ الحَيْضِ، أَمَّا غَيْرُ المَدْخُولِ بِهِنَّ فَلا عِدَّةَ عَلَيْهِنَّ. وَالنِّسَاءُ المَدْخُولُ بِهِنَّ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الحَيْضِ كَالآيِسَاتِ، وَغَيْرِ البَالِغَاتِ فَلَهُنَّ حُكْمٌ خَاصٌّ.ثُمَّ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِإِحْصَاءِ العِدَّةِ، وَمَعْرِفَةِ ابْتِدَائِهَا وَانْتِهَائِهَا لِئَلاً تَطُولَ عَلَى المَرْأَةِ، كَمَا أَمَرَهُمْ بِحِفْظِ الأَحْكَامِ وَالحُقُوقِ التِي تَجِبُ فِيهَا.وَقَدْ خَصَّ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِالنِّدَاءِ لأَنَّهُ إِمَامُ أُمَّتِهِ، وَقُدْوَتُهَا. ثُمَّ أَمَرَ اللهُ المُؤْمِنيِنَ بِخَشْيَةِ اللهِ وَخَوْفِهِ وَتَقْوَاهُ، وَأَمَرَهُمْ بِأَلا يَعْصوهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ مِنْ طَلاقِ النِّسَاءِ لِعِدَّتِهِنَّ، وَفِي القِيَامِ بِحُقُوقِ المُعْتَدَّاتِ، وَأَنْ لا يُخْرِجُوا النِّسَاءَ المُعْتَدَّاتِ مِنَ المَسَاكِنِ، التِي كَانَ الأَزْوَاجُ يُسَاكِنُونَهُنَّ فِيهَا قَبْلَ الطَّلاقِ، فَهَذِهِ السُّكْنَى حَقٌّ وَاجِبٌ أَوْجَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِلزَّوْجَاتِ، فَلا يَجُوزُ تَعَدِّي هَذَا الحَقِّ إِلا لِضَرُورَةٍ كَانْهِدَامِ المَنْزِلِ أَوِ الحَرِيقِ.وَلا تَخْرُجُ المُعْتَدَّاتُ إِلا لِضَرُورَةٍ، أَوِ بِسَبَبِ الإِتْيَانِ بِفَاحِشَةٍ مَبَيِّنَةٍ تُوجِبُ حَدّاً مِنْ زِنىً أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ لِبَذَاءَةِ لِسَانٍ، أَوْ لِسُوءِ خُلُقٍ.وَهَذِهِ الأَحْكَامُ التِي يُبَيِّنُهَا اللهُ تَعَالَى مِنَ الطَّلاقِ لِلعِدَّةِ، وَمِنْ إِحْصَاءِ العِدَّةِ، وَالأَمْرِ بِاتِّقَاءِ اللهِ، وَعَدَمِ إِخْرَاجِ المُطَلِّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا إِلا لِسَبَبِ وَجِيهٍ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ حُدُودِ اللهِ التِي حَدَّهَا لِلمُؤْمِنِينَ، وَعَلَيْهِمْ أَلا يَتَعْدَّوْهَا، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَأَضَرَّ بِهَا، وَلا يَعْلَمُ الزَّوْجُ فَقَدْ يُحَوِّلُ اللهُ قَلْبَهُ مِنَ البُغْضِ لِلْمُطَلَّقَةِ، إِلَى المَحَبَّةِ فَيَنْدَمُ عَلَى فِرَاقِهَا، إِذَا كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا، لأَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ مُرَاجَعَتَهَا.فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ- مُسْتَقْبِلاتٍ لِعِدَّتِهِنَّ- الطهْرِ.أَحْصُوا العِدَّةَ- اضْبِطُوهَا واسْتَكْمِلُوا ثَلاثَةَ قرُوءٍ.بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ- بِمَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٍ ظَاهِرَةٍ.